Thursday, December 15, 2005

نعوة عامة

غريبة هي الهوايات أو الروتينات التي نقوم بها هنا. قبل ذهابي كنا نتربص بأوراق النعوات الجديدة كل يوم. من توفي حديثاً، من توفي منذ أربعين يوماً، أو من توفي منذ سنة. شيئاً فشيئاً عاد هذا الروتين ينتاب يومي. كل ما مررت جانب واحدة منها أقوم بسبر الأسماء علني أميز أحدها. وأستطيع القول إنني لم "أوفق" حتى الآن.
كثير من الأطباء يفعلون ذلك، والسبب: غالباً ما يكون هذا الكيفية التي يعرفون بها بوفاة أحد مرضاهم، خاصة أولئك الذين يتعاملون مع مرضى حالتهم العامة خطيرة.
لم يلفت نظري أبداً ما يكتب في ورقة النعوة حتى وقت قريب. لكل نعوة "قوام" أو "صيغة" عامة تختلف بعض الشيء إذا كانت لشخص مسيحي أو مسلم.
تبتدئ النعوة الاسلامية بـِ "إلى رحمته تعالى" أما المسيحية فبـِ "دعوة عامة، من آمن بي وإن مات فسيحيا" وفي بعضها "أنا هو الحق والطريق والقيامة" أو شيء من هذا القبيل.
بعد ذلك يتم سرد اسم كل قريب في الوطن والمهجر وعائلاتهم وذويهم وأقربائهم، والملاحظ أن أسماء الإناث لا تنزل في النعوة الاسلامية، ولا أدري ما السبب ولا يمكنني التفكير بواحد. إلا إذا لم يكن مسموحاً للنساء أن تنعي!!!
بعد سرد أسماء ذوي القربي هناك نوعان من النعي متناقضان أشد التناقض، على الأقل كما أراهما. فعند المسلمين قد تقرأ "ينعون إليكم بمزيد من الرضا والتسليم" أو "بمزيد من الأسى واللوعة". أما عند المسيحيين فقد تقرأ "ينعون إليكم على رجاء القيامة والحياة الأبدية" أو "بمزيد من الأسى واللوعة" أيضاً. فرق شاسع بين الخيار الأول الذي فيه رضى أو أمل أو بالمختصر مواقف إيجابية، وبين الثاني الذي فيه فجوع وحزن أي موقف أكثر سلبية (دون أن أقول أن الحزم شعور سلبي).
ثم يتم الاعلان عن اسم الفقيد وأين ومتى ستتم المراسيم..
يعترض البعض على جملة "من آمن بي وإن مات فسيحيا" وهي، لمن لا يعرف، إحدى أقوال المسيح. فماذا لو أن المتوفى لم يكن عظيم الإيمان مثلاً. ألا يشكل ذلك نوعاً من الـ irony؟؟ وهل هذا يعني أن من لم يؤمن به لن يلاقي حياة أبدية؟؟
فكرت كيف أحب أن تكون نعوتي (وأعرف أن البعض سيتهمني أنني "عم فاول على حالي"). وأظنها ستكون كمايلي:

دعوة خاصة
زوجة الراحل: ..........
أولاد الراحل: ...........
أخ الراحل: ..........
ينعون إليكم انتهاء المهمات الأرضية لـِ ....... اسمي ........
التاريخ والمكان
برقياً: ........... أو sms: 095555555
يرجى التبرع بدلاً من أكاليل الزهور

ولي هنا بعض الملاحظات، أولها أنني لا أجد داعياً لتعميم الدعوة وأفضل أن يأتي من يخصني. ثانياً لم أذكر عمداً أياً من والد أو والدة الراحل لأنه لا يجب لأبوين أن يدفنا أبناءهم. وثالثاُ أعجبتني جملة المهمات الأرضية ولا أعتقد أن أحدهم قد استخدمها من قبل، لذا فحقوق الطبع حصرية لي. وبما أننا في عصر التكنولوجيا فوضع خيار الرسالة القصيرة فكرة مبتدعة لمن لا يريد تكليف نفسه عناء البرقية أو القدوم. أما عن الورود والصلبان النباتية، فهي ذات غير لزوم و يكفي واحد أو اثنين من أهل المتوفى المباشرين. التبرع لمن يحتاج أفضل بما أنني لن أكون بحاجة لا للأموال ولا للزهور.

3 Comments:

At Fri Dec 16, 01:04:00 AM GMT+2, Blogger GraY FoX said...

lol that was hilarious ... earthly missions .. then you are going to the underworld . MWHAHAHAHA .. felt like watching Judge Dred :D ...
You always surprise us with nice ideas man keep it up

 
At Sun Dec 18, 03:16:00 PM GMT+2, Blogger Sharks said...

Very original indeed...if I ever wanted to use the "انتهاء المهمات الأرضية" do I have to take ur permission?!...well my mom is into reading "Na3wat" but unlike u she succeed most of the times to find a connection :D....

 
At Sun Dec 18, 07:34:00 PM GMT+2, Anonymous Anonymous said...

I have a feeling that you are happy....

 

Post a Comment

<< Home