Alice in Wonderland
لم أجد عنواناً أفضل من هذا لهذه المقالة، علماً أن بطلها لا يدعى أليس، وأما بلاد العجائب فهي غنية عن التعريف. وأما سبب الكتابة بالعربية، فأولاً أنا لست بمزاج يؤهلني لترجمة القصة وثانياً منشان ما نتبهدل قدام الأجانب
يروي القصة والد طفل مريض بورم وهذا الطفل المسكين مصاب بآلام تكاد تعنو حتى على المسكنات المخدرة. وللأسف فإن هذا الوالد قد عانى الأمرين في محاولة منه لتخفيف ألم ابنه وهو يتألم أمامه.
لا أتوقع من القراء أن يكونوا ضليعين بالطب ومعالجة الألم، ولا أتوقع ذلك حتى من الأطباء أنفسهم. لكن القصة تجري كمايلي. ويجب العلم قبل بداية القصة أن المسكنات المركزية المورفينية صعبة التوافر حتى عن طريق وزارة الصحة في سوريا، وهي يوماً موجودة وغائبة أياماً أكثر:
احتاج هذا الطفل المسكين في وقت من الأوقات إلى كمية كبيرة من أبر المورفين لتهدئة الألم. وعندما كانت الأبر متوفرة في الصيدليات كان الأمر لا بأس به. لكن عندما ازدادت حاجته عن مقدار معين (عشر أبر يومياً، وهي ليست بكمية كبيرة إذ أني وضعت مرضى على أكثر من ذلك بكثير) فعندما ازدادت تلك الحاجة أصبح على الوالد أن يقدم طلباً استثنائياً لوزير الصحة.
لم يقصر الوالد في تعبئة الطلبات وكتابة الرسائل بالطرق النظامية إلى أن وصلت إلى معاون المدير وقوبلت بالرفض لأن الوزير غير موجود وليس ذلك من صلاحيات أو لم يستطع المعاون أن يتحمل المسؤولية تلك (لا أدري لم المعاون إذن إن كان هنالك ضرورة لاتخاذ قرار حاسم بغياب الوزير!!!). وذلك رغم أن الوالد قدم في الطلب قبوله بلجنة خماسية تفصح الطفل المعني وتقرر على أساسه.
طبعاً ليس ذلك كل شيء، فأحد الأطباء في الوزارة قابل الوالد بسؤاله عندما كان يقدم الطلب: "هل أنت تتعاطى المخدر؟". غني عن الذكر مقدار عجب وامتعاض الأب إذ أردف الطبيب قائلاً: "أتعرف أن 6 أبر مورفين توقف قلب الإنسان؟" (طبعاً هذه عبارة في قمة الغباء). عندها دخل الأب مع الطبيب في سجال طبي اصطف إلى جانبه طبيب آخر ضد رأي الأول. وعندها قال الطبيب الأول: " هل أنت معي أم معه؟"
فأجابه الثاني: "أنا مع الحق، أساساً كل الأبر التي تستقدمونها عبارة عن أبر ماء!" (أبر ماء؟؟؟؟؟!!!!!!)
عندها قال الأول: "حسابك معي بعدين."
عندها، وعند رواية هذا القسم من القصة كادت عيوني تخرج من محاجرها، نزل الأب وأوقف سيارة تاكسي. أثناء وجوده فيها كان يتكلم عن مشكلته إلى أحد ما على الموبايل ويبدو أن سائق التكسي لفتت انتباهه كلمة "مورفين"، وعندها دار الحديث التالي.
سائق التاكسي: "أتريد المورفين من أجل التعاطي؟"
الأب: "لا ابني مريض وموجوع" وسرد له القصة.
"أنا استطيع أن أؤمنها لك"
اندهش الأب هنا "من أين؟"
"مو شغلتك، أنا بدبرهن إلك. أنا بتعاطى مخدرات"
"بكام الأبرة (الأبرة حوالي عشر ملغ)؟"
"ألفين ليرة" (حوالي 40 دولار، علماً أن سعر الأبرة النظامي عندما يكون متوفر 35 ليرة، أي أقل من دولار)
"موافق، كيف ممكن اتصل معك؟"
"أنا بحكي معك بعد كام يوم"
وهنا انتهى الحديث، وفعلاً بعد عدة أيام يتلقى الأب مكالمة من السائق
"كم أبرة تريد؟"
"كم أبرة متوفرة لديك؟"
"سبعين"
"أحضرها كلها" وتم الاتفاق على الالتقاء عند إحدى الساحات.
هنا قام الأب بتدبير 140 ألف ليرة وانتظر في الساحة. عندها أتاه مكالمة من السائق مرة أخرى.
سائق التاكسي "أين أنت الآن؟"
"أنا في الساحة مقابل المخفر"
"تعال إلى أمام المخفر"
طبعاً هنا لم يعد الأب يستطيع التحمل أكثر، يعني عملية تبادل لمواد مخدرة أمام مخفر الشرطة كان أكثر مما يتحمله العقل.
"لا تخاف، ما حدا بيسترجي يحكي معنا شي!"
وفعلاً أتى الأب إلى أمام المخفر وكان سائق التاكسي يحمل الأبر في علب طبق الأصل عن تلك التي تؤمنها الدولة وقد وضعها في كيس شفاف وكأنها لا شيء يذكر. ولكن النهفة ليست هنا بل ما حصل لاحقاً.
أراد الأب أن يسلم السائق المبلغ وإذ به يقول له: "إن معلمي قال بما أن المورفين لطفل موجوع فهو سيبيع الأبرة برأسمالها أي ألف ليرة، ولا يريدون منه سوى 70 ألف ليرة..."
فما رأيكم.... دام فضلكم؟؟؟
هذه القصة هي قمة ما يمكن أن أسميه بالعار... وأنا واثق أنها لن تكون الأخيرة.
6 Comments:
very good post.
والله هذا شيء لا يُصدّق والقصة محزنة جدا. طبعا على كل حال أنا سعيد جدا لأن الطفل حصل أخيرا ما يمكن أن يخفف ويسكّن آلامه، ولكنه من المأساوي أن الأطباء لم يفكروا في مصلحة الطفل المريض بل شجّعوا بتصرفاتهم في تطور السوق غير القانوني للأدوية والمخدرات!!!ـ
ولكن نفس الشيء موجود عندنا في الغرب أيضا لأسفنا الشديد. فإن الأطبيء كثيرا ما لا يفكرون في مصلحة المريض بل يتمسكون بمبادئهم غير المعقولة... مثلا لما كان جدي، الله يرحمه، مريضا قبيل وفاته وكان يعاني من تعض الآلام، طلبت أمي من الأطباء أن يعطو له مسكنات لتخفيف الآلام ولجعل أيامه الأخيرة أكثر ارتياحا. فقالوا لأمي أنهم لا يريدون أن يعطوا له إلا مقدارات قليلة من الأدوية لأنه من الممكن أنه قد يصبح مدمنا إليها!!! يعني رجل كبير السن قد يموت بعد وقت قصير، لا يريدون أن يساعدوه لأنهم يخافون من احتمال إدمانه إلى الأدوية خلال أيامه الأخيرة!ـ
أتمنا ان الطفل الذي حكيت عنه تشفى...ـ
سلامات،
سامبسا من فنلندا
End of life care and pain management are two of the major problems in the care of patients... anywhere. Even in USA and other countries with advanced medicine practice. الله يرحمو لجدك، انشالله ما يكون تعذب كتير
Bassam!! When I finished reading this article.. I laughed and cried at the same time! This story symbolizes EXACTLY what I hate and love about my country; On the one hand the indifference and corruption of the system, on the other hand the (nakhwah) or knighthood- if you can translate it like it- of some people. Funny enough that it came from a drug dealer this time. My problem is: I can't cope with this paradox.
Bassam!! When I finished reading this article.. I laughed and cried at the same time! This story symbolizes EXACTLY what I hate and love about my country; On the one hand the indifference and corruption of the system, on the other hand the (nakhwah) or knighthood- if you can translate it like it- of some people. Funny enought that it came from a drug dealer this time. My problem is: I can't cope with this crazy paradox.
P.S: The boy passed away few days ago :(
Post a Comment
<< Home